" إذا لم تمتلك أفكار أصلية، فأنت لا تنتمي لخلايا التفكير، واذا لم تحاول نشرها، فقد فشلت في مجهودك من اجل مساعدة المجتمع في التقدم للأمام" روبرت بورستين Robert Boorstin ، المركز الأمريكي للتقدم.
علي ارجدال
كثر الجدل والاهتمام مؤخرا حول موضوع مراكز التفكير والبحث أو ما يعرف بخلايا التفكير خصوصا عقب ازدياد عددها ففي إحصاء قامت به جامعة Penn State University أحصت خلاله وجود 6826 مؤسسة ومركز تفكير حول العالم تتركز اغلبها في الولايات المتحدة الأمريكية.
وبالعودة إلى هذا الكتاب المعنون بعنوان Les Think Tank “Cerveaux de la Guerre des idées” للكاتب Stephen Boucher و Martine Royo والذي صدر سنة 2012 يسلط الضوء على اهتمام الحكومات والدول مؤخرا بهذا النوع من المراكز والمؤسسات قصد تقديم الاستشارة لمعالجة المشاكل الداخلية والخارجية، بل واصبح يسيمها البعض ب"مفكري الظل" .
أصبحت مراكز البحوث والدراسات تتبوأ مكانة متقدمة ضمن اهتمامات الدول خصوصا في العقد الأخير، فقد ساهمت هذه المراكز في صناعة القرار السياسي لمجموعة من الدول التي تطلب خدماتها.
وبسبب الأزمات المالية والتغيرات المناخية والثورات العربية وبروز قوى دولية صاعدة وظهور تهديدات امنيه جديدة ، اصبح من الضروري اللجوء لهذه المراكز والمؤسسات من اجل مساعدة الفاعلين السياسيين .
قام بتأليف الكتاب كل من ستيفن بوشر Stephen Boucher و مارتين رويو Martine ROYO
ستيڤن المدير السابق للبرنامج الأوروبي لسياسة المناخ بمؤسسة المناخ الأوروبي، شارك في إدارة معهد Institut Jacques Delorsوكان أيضا مستشار الشؤون العامة الأوروبية بلندن وبروكسيل وباريس وهو حاليا أستاذ بالجامعة الحرة ببروكسيل .
أما مارتين رويو Martine Royo فهي صحفية اقتصادية ومنسقة عمل منظمة العفو الدولية في فرنسا ومنطقة البلقان سنة 2006 ، مراقبة مختصة لمراكز البحث والتفكير.
سنحاول في هذا المقال القاء نظرة مبسطة ما امكن حول بعض جزئيات الكتاب على امل العمل على قراءة واسعة في الكتاب .
يعتبر هذا الإصدار الثالث من نوعه سنة 2012، فالإصدار الأول كان سنة 2006 أما النسخة الثانية فقد صدرت سنة 2009، ويتم تنقيحها بشكل دوري.
والكتاب يتكون من سبعة فصول كل فصل يحتوي فقرات.
عرف استأد العلوم السياسية بجامعة بينسيلفانيا بأمريكا جيمس ماكڭين Think Tank خلايا التفكير بانها "مجموعات مستلقة للبحث الذي يعنى باسئلة المصلحة العامة وتحليلها" وقد سميت في هذا الكتاب ب”الحيوان السياسي الجديد” .
ويصنف الكتاب مراكز التفكير أو خلايا التفكير حسب المعاييرالمميزة التالية:
1 ـ Think Tank هو مركز دائم ومستمر.
2 ـ يختص في إيجاد الحلول لقضايا السياسات العمومية
3 ـ يقدم خدمات استشارة وتحليل
4 ـ يمكن ان يتواصل مع الحكام والرأي العام
5 ـ ليس مكلفا بمهمات حكومية
6 ـ يتميز باستقلاليته وعدم تبعيته لأي أهداف جهاتية.
7 ـ عمله يتميز بالطموح والإنتاجية عكس الهيئات الربحية والتجارية
8 ـ ليست مهمته الرئيسية التدريب أو منح شواهد أو ديبلومات
الفئات الأربعة لمراكز التفكير.
ان مجموعة مراكز التفكير متنوعة حسب طبيعة عملها، هناك بعض المراكز العامة مثل المعهد الحضري بواشنطن Urban Institute والذي يدرس كل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالولايات المتحدة الأمريكية.
أما مراكز التفكير المتخصصة مثل " المعهد من اجل المبادرة والاستفتاء الأوروبيIRI EUROPE " فهو يهتم فقط بقضايا الديمقراطية المباشرة بأوروبا. ويوجد أيضا مركز " موارد من اجل المستقبل الأمريكي" والذي يعنى بالبيئة والموارد الطبيعية.
وقد صنف المختصون هذه المراكز إلى أربعة أصناف
الأول: مراكز التفكير الجامعية.
وهي بمثابة جامعات بدون طلبة مثل " المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية" أو "المركز الأوروبي لدراسة السياسات ببروكسيل" . تتميز هذه المراكز في عملها بالأكاديمية والمنهج العلمي وغالبية المنتمين اليه حاصلون على درجة دكتوراه.
ثانيا : معاهد البحث المتعاقدة
تشبه إلى حد ما مراكز التفكير الجامعية إلا أنها تختلف عنها في مصدر التمويل والذي يعود مصدره أساسا إلى التعاقد مع الوكالات الحكومية أو المصالح الخصوصية.
ثالثا: مراكز التأييد
تقدم خدماتها لأسباب محددة، وتقوم بتقديم أفكار ونصائح تلائم قيم معينة من اجل الدفاع عن حجج محددة. مثل مؤسسة الثرات بواشنطن، المعهد الانتقالي بأمستردام، معهد آدم سميت بلندن.
رابعا : مراكز التفكير التابعة للأحزاب السياسية.
يتم إنشاءها من قبل أحزاب سياسية ولكن تتميز بالاستقلالية في عملها عن هذه الأخيرة. مثل المؤسسة من اجل المبادرة السياسية بفرنسا والقريبة من حزب الاتحاد من اجل الحركة الشعبية الفرنسي.
في قلب العلبة السوداء: كيف يفكر " المفكرون" ؟
"ان المنتمين لخلايا التفكير يفكرون كما يفكر الجميع ولكنهم فقط يساعدون في إقامة جسر بين مختلف أشكال المعرفة "
تتميز مجموعات خلايا التفكير بتبني طرق مختلفة للتحري في أعمالها ، فبعضها يعمل من خلال الشبكات ، وبعضها مستقل، وهناك أيضا بعض منها يعملون على شكل "نخب" في المجال العمومي ، ومثال على ذلك "المركز الأوروبي من اجل الإصلاح" والذي يؤثر بواسل الإعلام. يوجد أيضا نوع اخر مثل "جمهورية الأفكار" والذي يلعب دورا خفي لمجلس الظل "
بعض مراكز التفكير الأمريكية الرائدة وتصنيفها حسب التوجه. ليبيرالي ، وسط ، محافظ
-1 مراكز تفكير ليبيرالية:
ــــ Council on Foreign Relations: تم إنشاءه سنة 1921 وهو مجلس مختص في الشؤون الدولية والذي تصدر عنه المجلة المشهورة Foreign Policy تصل ميزانيته السنوية إلى 90 مليون دولار.
ـــــ Urban Institute: أسس سنة 1968 بعد تشكيل الرئيس جونسون للجنة تقوم بتحليل المشاكل الحضرية للولايات المتحدة الأمريكية .
-2 مراكز تفكير وسطية:
ــــ Brookings institutions : خرجت إلى الوجود سنة 1927 وهي من اقدم المؤسسات وتهدف إلى تحسين أداء المؤسسات الأمريكية ، وفعالية البرامج الحكومية وجودة السياسات العمومية الأمريكية " وتبلغ ميزانية هذه المؤسسة 130 مليون دولار سنويا
ــــ Center for Strategic and International Studies: أسس سنة 1962 يهتم بقضايا الدفاع والعلاقات الدولية ، وينتمي اليه رواد علم السياسة مثل هنري كيسنجر.
-3 مراكز تفكير محافظة:
American Enterprise Institute for Public Policy Research: أسسها William J.Barrody سنة 1943 وتعتبر آلية في خدمة المقاولة الحرة وتجديد الأفكار وقد اتخذت من مقر الحزب الجمهوري مركزا لها سنوات 1970/1980 وتبلغ ميزانيتها 26 مليون دولار سنويا.
Heritage Foundation: تأسست عام 1973 وهي احد مراكز التفكير المحافظة الأكثر نشاطا ومن بمبادئها “الحرية الفردية، القيم الأمريكية التقليدية والتضحية من اجل الوطن" وتبلغ ميزانيتها 75 مليون دولار سنويا.
في الواقع هناك العديد من مراكز التفكير الأمريكية كل واحدة تعتمد على طريقة عمل معينة وهي الأقوى عالميا. كما ان الدول العربية والمغاربية أصبحت أيضا تتجه نحو الاستعانة بمراكز البحث ومؤسسات التفكير من اجل إيجاد حلول للمشاكل المعاصرة التي تواجهها وفي جميع أبعادها سواء الأمني أو الاستراتيجي وعلى سبيل المثال يوجد مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية بمصر ومركز دراسات الخليج والجزيرة العربية بالكويت، منتدى الفكر العربي بالأردن ، مركز دراسات الوحدة العربية بلبنان والمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية بالمغرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق