الأحزاب المغربية وإشكالية الوظيفة - مدونة تحليل السياسات

اَخر المشاركات

منصة إلكترونية تعنى بقضايا المعرفة السياسية

الأربعاء، 10 أكتوبر 2018

الأحزاب المغربية وإشكالية الوظيفة

د.أحمد بوز


ما هي الوظيفة التي يطلع بها الحزب السياسي في النسق السياسي المغربي؟ إذا كان أحد علماء السياسة والقانون الدستور) موريس دوفرجيه( قد حدد وظيفة الحزب السياسي "في السعي للاستيلاء على السلطة أو على الأقل الرغبة في المشاركة في ممارستها"، فإنه، بالتأكيد، لم يكن يقصد الأحزاب المغربية، لأنه يدرك جيدا، وهو أحد الذين اشتغلوا على الحقل السياسي المغربي، أن دراسة هذه الأخيرة تفرض، بالضرورة، إعادة النظر في هذا التعريف. 

 ذلك أن ظهير الحريات العامة، الذي يعتبر أول إطار قانوني يحدد وظيفة الحزب السياسي   في المغرب، من خلال التعريف الذي كان يعطيه للنشاط السياسي، باعتباره "كل نشاط من شأنه أن يرجح مباشرة أو غير مباشرة مبادئ الجمعية في تسيير وتدبير الشؤون العمومية وأن يسعى ممثلوها في تطبيقها"،


يجعل من الأحزاب السياسية مجرد "جمعيات (...) لا تبحث على تطبيق برنامجها السياسي أو تحويل المجتمع، حسب مشاريعها، بل تتنافس للتأثير على الحكم وخدمته لا الاستياء عليه"[1]. مما يعني أنه كان يضع قيدا رئيسيا على الوظائف التقليدية للأحزاب السياسية.

وإذا كان قانون الأحزاب السياسية، الذي عوض الظهير المذكور في تحديد وظيفة الحزب السياسي ومجالات عمله، قد جاء بتعريف جديد للحزب السياسي هو ذلك الذي يجعل منه "تنظيما دائم يتمتع بالشخصية المعنوية (...) قصد المشاركة في تدبير الشؤون العمومية بطرق ديمقراطية ولغاية غير توزيع الأرباح[2]، و"المساهمة في تنظيم المواطنين وتمثيلهم"[3]، فضلا عن "المساهمة في نشر الثقافة السياسية ومشاركة المواطنين في الحياة العامة وتأهيل نخب قادرة على تحمل المسؤوليات العمومية وتنشيط الحقل السياسي"[4]، فإن هذا التعريف بدوره لم يتجاوز القيود المفروضة على وظيفة الحزب في النسق السياسي المغربي.

غير أن الحدود المرسومة لهذه الوظيفة تظهر أكثر على مستوى الدستور، الذي كان موريس دوفرجيه أحد مهندسيه سنة 1962، لأن "الواقع القانوني على المستوى الحزبي يلتصق بالفصل 3 من الدستور أكثر من ارتباطه بالمادة 15 من ظهير 1958" 6.

وبالرجوع إلى هذا الفصل، الذي ينص على أن "الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والجماعات المحلية والغرف المهنية تساهم في تنظيم المواطنين وتمثيلهم"، يظهر "أن صياغته وضعت قيدين على دور الأحزاب، الأول يتجلى في قصر دور الأحزاب السياسية في المساهمة، إلى جانب المنظمات الأخرى، في تنظيم المواطنين وتمثيلهم، وهذا يعتبر تقليصا للدور الإيجابي الذي قد تلعبه الأحزاب السياسية باعتبارها المحرك الأساسي للحياة السياسية بعد الملك. والثاني يتمثل في وقف وظيفتها عند تنظيم المواطنين وتمثيلهم دون الإشارة إلى إمكانياتها في الحكم وممارسة السلطة المسعى الأساسي للأحزاب قصد تطبيق برامجها"[5] .

هذه الوضعية يربطها أحد الباحثين[6] بثلاثة اعتبارات يحددها، أولا، في "تنافي طبيعة السلطة في المغرب مع وجود أية ممارسة سياسية تطمح إلى الحصول على السلطة"، وثانيا في كون "الملكية تعمل دائما على احتلال موقع الصدارة داخل النظام السياسي المغربي، وهو تصدر يقابله في نفس الوقت تواري مختلف القوى السياسية بما فيها الأحزاب"، وثالثا في "محاولات الحكم الدائمة للحد من نشاط كل ظاهرة حزبية: فنشاط الحزب حدد من طرف النظام في إطار ضيق لا يمكن تجاوزه".[7]           

وإذا ما تجاوزنا هذه القيود القانونية المفروضة على وظيفة الأحزاب في النظام السياسي المغربي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه، وتحاول هذه الدراسة الإجابة عليه، يتعلق بما إذا كانت الأحزاب المغربية تمارس هذه الوظيفة المقيدة لها  في الدستور، والتي « يمكن اختزالها في مهمتين مركزيتين : التأطير والتمثيل»[8]. 

I  ـ   الأحزاب المغربية ووظيفة التأطير

لقد أدت الوضعية التي آلت إليها الأحزاب، بفعل عوامل كثيرة (...)، إلى جعلها ليس فقط "غير قادرة على ممارسة وظيفتها في مجال تأطير المواطنين فقط، ولكنها حالت دون تمكينها من تكوين وإفراز نخب سياسية مؤهلة تساهم إلى جانب الدولة في تسيير وتدبير الشأن العام، واقتسام أعباء الحكم عند الاقتضاء».[9]

وتظهر هذه الصعوبات، التي تواجه الأحزاب المغربية في مجال التأطير، على ثلاث مستويات: الأول يتعلق بالتأطير المجالي، الذي يرتبط بقدرة الحزب السياسي على التغطية "الترابية" للدولة، والثاني يتمثل في التأطير التنظيمي، الذي يهم قدرة الحزب السياسي على تقوية نظام العضوية من حيث الاستقطاب،  والثالث يهم التأطير الإيديولوجي والسياسي، الذي يتعلق بقدرة الحزب السياسي على تحديد هويته الإيديولوجية ورسم خطه السياسي»[10].

1ـ على المستوى المجالي

باستقراء وضعية الأحزاب المغربية على هذا المستوى نجد أنها بدرجة أساسية أحزابا حضرية. بل وباعتماد التصنيف الذي ساد في الماضي بين "الأحزاب الوطنية الديمقراطية" و"الأحزاب الإدارية" نجد أن هذه الأخيرة تبقى بدرجة كبيرة أحزاب نخبة وأعيان من غير انتشار تنظيمي، سواء في البادية أو في المدينة. وتشكل الانتخابات اللحظة الوحيدة التي تظهر فيها هذه الأحزاب أن لها مقرات وفروع وتتمكن من تغطية معظم الدوائر الانتخابية بالمرشحين لكن سرعان ما يغلق كل شيء بانفراط تلك اللحظة، أو يتقلص حجم منتخبيها بفعل ظاهرة" الترحال البرلماني".

  ورغم نوع من "التسامح" الذي أضحى النظام يبديه حيال العمل الحزبي في العالم القروي، بعد أن ظل " الفلاح المغربي مدافعا عن العرش"[11] في مواجهة نفوذ "الأحزاب الوريثة للحركة الوطنية"، فإن ذلك لم يؤد إلى تغلغل الأحزاب في هذا المجال إلا بدرجة ضعيفة لا تتعدى في أقصى الأحوال اللحظات الانتخابية.

وهكذا "نجد أن كل الأحزاب المغربية، سواء منها تلك التي ولدت في خضم الانتخابات أو تلك "الوريثة للحركة الوطنية"، قد اعتمدت نموذج الخلية والفرع في الهيكلة الداخلية وحرصت أيضا على وجودها في الأقاليم. ومع ذلك فإن هذه الهيكلة لا تشتغل دائما بطريقة منتظمة وفعالة، فغالبا ما تقتصر بعض الأحزاب السياسية على ممارسة نشاطها داخل الفروع الموجودة في المدن الكبرى، وأحيانا في العاصمة فقط، بل إن التنظيمات التي تتوفر عليها أغلب الأحزاب المغربية (منظمات الشباب، المرأة، النقابة...)، كثيرا ما تكون موجودة على الورق فحسب وبشكل موسمي متقطع"[12].

2   ـ على المستوى التنظيمي

لا تقدم المعطيات المتحصلة من الأحزاب السياسية معلومات مدققة حول حجم الانتشار التنظيمي لها: عدد الفروع، عدد المقرات، عدد الأعضاء... وبتتبع مؤتمرات عدد من الأحزاب السياسية التي عقدت في السنوات الأخيرة، فإن ما لوحظ، وكالعادة، هو غياب تقارير مدققة على هذا المستوى. ولذلك فإن الملاذ في هذه الحالة يبقى هو الاعتماد على بعض المعلومات التي تقدمها الأحزاب السياسية عن نفسها -وهي نادرة- بهذه المناسبة أو تلك والتي تنشر في صحافتها.

إن الصورة العامة التي توجد عليها الأحزاب المغربية على هذا المستوى، يلخصها هذا التصريح لأمين مالية حزب التقدم والاشتراكية لدى جوابه عن سؤال حول عدد المقرات الحزبية، حين يقول: "لا أتوفر على العدد المضبوط، ربما تتراوح بين 230 و 260"[13].

إن هذه الصعوبات التي تثيرها دراسة وضعية الأحزاب  المغربية، من حيث تحديد حجم انتشارها التنظيمي، تطرح أيضا عندما يتعلق الأمر بدراسة قوة التأطير التنظيمي، بمعنى قدرة الحزب على الاستقطاب وعلى تقوية نظام العضوية فيه، فالمعلومات نادرة في هذا المجال، ذلك أن حجم العضوية في الأحزاب المغربية يظل سرا من أسرار الحزب، كما يؤكد ذلك أحد الباحثين حين يقول: "أما عدد الأشخاص المنخرطين في الأحزاب المغربية فهذا ما لا يمكن معرفته لعدم إفصاح الأحزاب عن عدد أعضائها"[14].

 لقد سبق للباحث الأمريكي أشفورد أن اصطدم بهذه الحقيقة لدى استجوابه لقادة الأحزاب المغربية، في نهاية الخمسينيات، حول عدد أعضاء أحزابهم، حيث توصل إلى أرقام خيالية لا علاقة لها بالواقع مما دفعه إلى التعليق ساخرا: "لو أخدنا الأرقام التي تعطيها الأحزاب عن عدد أعضائها لاكتشفنا أن كل سكان المغرب  أعضاء في الأحزاب المغربية وهذا أمر لافت للنظر، لأن نصف سكان المغرب وقتئذ كانوا يبلغون أقل من 20 سنة" [15]، ويظهر تتبع تصريحات بعض مسؤولي الأحزاب المغربية، بمناسبة عقد مؤتمرات أحزابهم، يظهر أن  هذا "التحفظ"، إن لم نقل الخوف، من الكشف عن حجم العضوية لا زال ساريا حتى الآن. 

ففي المؤتمر الرابع لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أعلنت الجريدة الناطقة باسمه بأن عدد أعضاء الحزب هو 98 ألف عضوا[16]. وإذا أخذنا بعين الاعتبار تسعة عشر سنة التي تفصل بين عقد هذا المؤتمر سنة 1984 والمؤتمر السادس سنة 2001، وارتفاع حجم تمثيلية هذا الحزب على مستوى البرلمان وعلى مستوى الجماعات المحلية وتأسيس فروع جديدة... فإن حجم هذا العدد من المنطقي أن يزداد، ولكن الذي حصل هو أن الإحصاء العام الذي أجراه هذا الحزب بمناسبة التحضير لمؤتمره ما قبل الأخير(المؤتمر السادس) لم يكشف سوى عن توفره على 54 ألف عضوا[17].

وهذا التضارب في أرقام العضوية شكل، أيضا، ظاهرة ميزت التصريحات التي واكبت عقد عدد من مؤتمرات الأحزاب الأخرى. فبمناسبة مؤتمره الأول عقد المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الديمقراطي[18] ندوة صحفية بتاريخ 10 يوليوز 2001 صرح من خلالها أمينه العام، عيسى الورديغي، أن عدد مؤتمري الحزب هو 2000 مؤتمر. ولكن في ندوة صحفية أخرى، عقدت بتاريخ 16 يوليوز 2001، خصصت لإطلاع الرأي العام على نتائج المؤتمر، أعلن رئيس المؤتمر، محمد الحبيب الطالب، أن عدد المؤتمرين كان هو 2400.

وأثناء انعقاد مؤتمر الاتحاد الاشتراكي في مارس 2001 ظلت جريدة "الاتحاد الاشتراكي" تعلن أرقاما متضاربة حول المؤتمر. فيوم واحد قبل المؤتمر أشارت الجريدة المذكورة [19]، إلى أنه «حسب معطيات رسمية، فإن عدد المؤتمرين يناهز 1200 مؤتمر إضافة إلى حوالي 200 مشارك»[20]. يومان بعد ذلك ستعلن نفس الجريدة أن عدد المؤتمرين ـ فقط ـ بلغ 1336، إلى جانب 200 مشارك"[21]. وهذا العدد أعلن حتى بعد أن انسحب من المؤتمر عدد لا يستهان  به من المؤتمرين قدرهم ناطق باسم المنسحبين  ب 500 مؤتمر"[22]. 

وبمناسبة انعقاد المؤتمر السادس لحزب التقدم والاشتراكية اكتفى أمينه العام، إسماعيل العلوي، بإعلان رقم تقريبي لعدد المؤتمرين بالقول إنه يزيد عن 1000 مؤتمر،[23] ولكن العدد النهائي الذي ثم إعلانه بعد ذلك كان هو 1334 مؤتمر.

إلى ماذا يمكن أن تعزى هذه الظاهرة؟ هل لعدم امتلاك الأحزاب معطيات دقيقة عن نفسها أم لأسباب أخرى؟ إجابة على هذا السؤال، يمكن أن نعطي لهذه المسألة ثلاثة تفسيرات:

ـ أولا، أن الأمر يتعلق بظاهرة عامة قد نجدها حتى في بعض الأحزاب الغربية، حيث سبق لعدد من الدراسات أن أكدت على "صعوبة تقدير النزعة النضالية الحزبية بعبارات رقمية"[24], معتبرة أن "عدد بطاقات المنتسبين يبقى سرا من أسرار الحزب "[25], مفسرة ذلك بكون "عدد المنتمين يحدد القوة المفترضة للتنظيم وهو هدف للمنافسة بين المقاولات السياسية"[26]، ولذلك فإن الأحزاب تحجم عن التصريح بما "تملك" من أعضاء حتى لا تبرز قوتها الحقيقية.ولكننا لا نظن أن مثل هذا الافتراض ينطبق على الأحزاب المغربية, وإن كان هناك من يشكك في الأرقام الخاصة بالعضوية التي يعلنها حزب العدالة و التنمية و يعتبرنها شكلا من أشكال "التقية" التي يمارسها.

ـ ثانيا، أن الأمر يتعلق بعدم امتلاك الأحزاب لمعلومات دقيقة عن حجم العضوية فيها، إما لعدم فعالية الطرق المعتمدة، وهي في أغلبية الأحزاب بطاقات العضوية، أو لعدم احترامها، حيث تكشف المعطيات التي أمكن الحصول عليها بأن توزيع البطائق لا يحترم في أغلب الأحزاب السياسية، وهذا ما يوضح كيف أن حزبا مثل الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي يتوفر على 54 ألف عضو، لم يحصل ولو على درهم واحد من عائدات بيع بطائق العضوية برسم سنة 1999 وبرسم سنة 2000 أيضا،[27] أو لعدم وجود أية آلية لتنظيم العضوية أصلا، كما صرح بذلك أحد أعضاء المكتب السياسي للحركة الشعبية بقوله إن "هناك معطى آخر يساهم في تعطيل استفادة الحركة من مواد مالية ذاتية ويتمثل في عدم وجود بطائق انخراط الأعضاء"[28].

ـ ثالثا، تراجع مستوى الانتساب لدى الأحزاب المغربية، كما تبرز ذلك أكثر من دراسة[29]. ولذلك فلا يستبعد أن يكون مسؤولو الاتحاد الاشتراكي لما تبين لهم أن عدد الأعضاء في ذلك الوقت هو أقل من الأرقام المعلن عنها في السابق تراجعوا عن الإعلان الرسمي للنتائج، رغم أن هذا الحزب اعتمد مقاربة جديدة في الحياة الحزبية تتمثل في إقامة إحصاء عام على شاكلة الطريقة التي يتم بها إحصاء السكان.

باختصار، فإن الأحزاب المغربية "تعيش ظاهرة العضوية الملتبسة، بمعنى أن الحدود الفاصلة بين العضو وغير العضو ليست واضحة تماما"[30]. وفي ظل هذا الغموض يكون  من الصعب قياس قدرة أي حزب من الأحزاب المغربية على مستوى تطوير حجم العضوية والانتساب إليه ومعرفة حجم الإلتحاقات به سنويا، ويتم في مثل هذه الحالة تكوين انطباعات قد لا تكون تعكس حقيقة الواقع بالدقة المطلوبة.

وعلى العموم، فإن محاولة بحث مسألة التأطير من خلال تقويم حجم العضوية في الأحزاب المغربية تبرز أن الانتخابات تكاد تكون هي الإمكانية الوحيدة التي تبقت للحزب المغربي يمكنه من خلالها  استقطاب بعض الأعضاء، وذلك من خلال آليتين: الأولى، تتجلى في تقديم تزكيات لمرشحين لا سابق انتماء لهم الحزب. إذ بحكم ضعف انتشارها التنظيمي، وبالتالي عجزها عن تغطية الدوائر الانتخابية، فإنها تلجأ إلى "التنقيب" عن مرشحين، وهؤلاء غالبا ما يشكلون مشروع "رحل" عندما يصبحون  منتخبين. والآلية الثانية تتجلى في كون الحملة الانتخابية تشكل لحظة أساسية يتعرف من خلالها السكان على وجود أحزاب سياسية فيقومون بالحملة الانتخابية مع  مرشحيها- مرشح الحزب أو مرشح الحومة الأمر سيان ـ قد ينتهي ذلك بانضمامهم إلى الحزب. لكن الأعضاء القدامى أو الأصليون في الحزب المغربي عادة ما يبدون نوعا من الرفض، أو على الأقل التحفظ، حيال الاستقطاب بمناسبة الانتخابات، إذ عندما تنشب خلافات داخلية نجد أن هؤلاء ينعتون بكونهم تم  إنزالهم. و لذالك فكثير من الطعون التي قدمت, على سبيل المثال أثناء التحضير للمؤتمر السادس لإتحاد الاشتراكي سنة 2001 كانت تتوجه إلى المسؤولين الحزبيين على المستوى المحلي تتهمهم بمحاولة إغراق المؤتمر وانتخاب المؤتمرين ب"أشخاص لا سابق انتماء لهم للحزب".

إن هذا يطرح مسألة في غاية الأهمية  تتجلى في مفهوم العضوية في الحزب المغربي: ما هو العضو الحزبي؟ هل هو الذي أمضى مدة معينة في الحزب وبدل تضحيات معينة قادته، مثلا، إلى السجن في سبيل الدفاع عن أفكار الحزب ويؤدي نوع من الالتزامات غالبا ما تكون محددة في القوانين  الداخلية للأحزاب؟ أم أنه الذي يرتبط بالحزب بعلاقات عرضية كالتصويت لفائدته وتتبع طروحاته وجرائده والحضور في نشاطاته؟

لقد تعالت، في السنوات الأخيرة، أصوات، من داخل الأحزاب السياسية ومن خارجها،  تنادي بضرورة إعادة  النظر في مفهوم العضوية والتعامل بنوع من المرونة في هذا المجال، ذلك أن "اشتراط الولاء المطلق جعل عدد كبير من المواطنين يبتعدون عن هذه الأحزاب بالرغم من رغبتهم الصادقة في معانقة العمل السياسي. وذلك لعدة أسباب، منها أن الممارسة السياسية أصبحت مقترنة بالمواجهة مع السلطة، وهي المواجهة التي تقود في معظم الحالات إلى السجون والمعتقلات الأمر الذي لم يكن الجميع مستعد للقيام به.  ثم أن الانتماء إلى هذه الأحزاب كان يحكم على المناضلين بالبقاء في مواقعهم،  إذ أن الحركية ضعيفة في هذه الأحزاب. فالقيادات لا تتغير ونفس الأعضاء يشكلون دوما اللجان المركزية والمكاتب التنفيذية وأصبح الدخول إلى هذه المواقع مرهونا بوفاة بعض الأعضاء وطرد بعض المشاغبين، من جهة، والاقتراب من القيادات والتملق لها من جهة أخرى"[31]. وهذه الوضعية "جعلت الأحزاب المغربية مغلقة وضعيفة الحراك الشيء الذي فقرها"[32].

 عكس هذه الوضعية، فإن " التقدم في ترسيخ الديمقراطية المؤسساتية  الحزبية يقوم على إيجاد حل دقيق ومرن لمعضلة العضوية الحزبية (أي من هو العضو الحزبي اليوم). ففي المراحل السابقة كان القمع وما يتطلبه من استعدادات للتضحية  يتكفل لوحده بإفراز الخريطة الواقعية للعضوية الحزبية وكان الانضباط الذاتي والتلقائي للأعضاء لقرار الحزب كافيا أيضا لتحقيق الفاعلية المنشودة. أما اليوم فعلى الحزب أن يجد الحل المناسب للمعادلة الجديدة التي تغذيها أجواء الحريات الديمقراطية المضطردة والواعدة، وتغير الثقافات والقيم... إذ عليه أن يكون مستعدا لاستقبال فئات وشرائح جديدة كانت لأسباب مختلفة مستنكفة عن النضال السياسي وأن يكون  قادرا على استيعاب وتوظيف تطلعات مناضليه، كما هم اليوم راغبين في المشاركة الحية والمباشرة، سواء في الشأن الحزبي أو الوطني، وبكلمة على الحزب أن يجد ويراكم صيغا ومفاهيم جديدة للعضوية بدون انغلاق ودوغمائية وبدون تسيب وميوعة"،  يقول مسؤول في أحد الأحزاب المغربية. [33]

إن طرح مسألة إعادة النظر في مفهوم العضوية يشكل مبدأ عاما لدى معظم الأحزاب، ولكن لا يتم النظر إلى هذه المسألة دائما بنفس الأهداف، فإذا كان حزب الاتحاد الاشتراكي، مثلا، يعتبر أن "قضية العضوية تطرح اليوم بشكل حاد، خاصة مع توسع الهامش الديمقراطي"،[34] فإنه يعتبر في نفس الوقت أن "من مظاهر اختلال مسألة العضوية بالنسبة للحزب (...) الانفتاح غير المضبوط في بعض المحطات وما نتج عنه من ظواهر سلبية"[35].

 ولتجاوز هذا المشكل كانت منظمة العمل الديمقراطي الشعبي [36] قد طرحت  مفهوما جديدا ينبني على التمييز بين نوعين من العضوية: "بين العضو العامل والعضو غير العامل. فبينما يلتزم بعض الأعضاء بأداء قيمة الانخراط السنوي للحصول على بطاقة العضوية العادية"، فإن الحصول على بطاقة العضو العامل تتطلب فوق ذلك الأداء المنتظم لواجب الاشتراك الشهري. ومن البديهي، والحالة هاته، أن تخول صفة العضو العامل لحاملها حقوق تتناسب مع ما يؤديه من واجبات, مثل حق الترشيح لتحمل المسؤوليات المحلية والمركزية والترشيح للانتخابات البرلمانية وغيرها من المسؤوليات.[37]

غير أن هذا النقاش حول العضوية سرعان ما عرف، في الفترة الأخيرة، تحولا مهما داخل الأحزاب السياسية التي ظلت منشغلة به. فقد انتهى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى قبول ما كان يعارضة بشدة في الأمس القريب: "الرحل" والأعيان[38]، قبل أن يتوج ذلك بجعل العضوية مفتوحة، تقريبا، في وجه الجميع، من خلال سياسة "الأبواب المفتوحة"، التي انتهجها، حيث ظلت الجريدة الناطقة باسمه تنشر استمارة طلب العضوية [39]، مجسدا بذلك تغييرا نوعيا في مفهوم العضوية داخله. وقد انعكس هذا المفهوم الجديد للعضو داخل هذا الحزب على طبيعة ترشيحاته خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، حيث وجد من بين الحاصلين على تزكيته 20 شخصا كانوا مرشحين أو منتخبين سابقين باسم أحزاب كان، حتى وقت قريب، ينعتها ب"الأحزاب الإدارية"، بعد أن رفض إعادة تزكية 20 من نوابه, الذين كانوا يمثلونه في البرلمان خلال الولاية التشريعية السابقة.

3- على المستوى الإيديولوجي والسياسي

على هذا المستوى، يظهر أن "إيديولوجية الحزب المغربي لا يمكن اختزالها إلى مفاهيم اليمين واليسار"، إذ يبدو أن هذه المقولة، التي بلورها ريزيت، في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، قد أصبحت تتخذ مصداقية أكثر، وبصفة خاصة في العقد الأخير، حيث حصل نوع من التقارب بلغ، أحيانا، حد التماهي بين الأحزاب المغربية.

لقد كان المهدي بنبركة, مثلا, قد نبه إلى أن من الأخطاء القاتلة التي سقطت فيها الحركة الوطنية "عدم الوضوح الإيديولوجي[40]". ويظهر أن هذه المسألة، التي طرحت منذ سنة 1962 بمناسبة المؤتمر الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية[41]، ظلت تلازم الحياة الحزبية المغربية حتى وقتنا الحاضر. وقد أكد كثير من الباحثين- بمختلف مشاربهم- على "الضبابية الإيديولوجية  لهذه الأحزاب".[42]

فبالنسبة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية "يكمن مصدر هذه الضبابية الإيديولوجية في طبيعته الاتحادية ذاتها، إذ يبدو كجسم فسيفسائي يؤكد دوما على جمع شتات تيارات متعددة يلعب فيها الأشخاص دورا حاسما".[43]فضلا عن تأرجحه  بين السعي وراء الإصلاح السلمي للنظام" من الداخل" تارة وبين الانقلابية الثورية الهادفة إلى ضرب النظام "من الخارج" تارة أخرى"[44].

هذا الواقع ينطبق أيضا على الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي "طالما تردد بين مبدأ سياسي مفاده أن المشاركة السياسية في الحكم لا تعدو أن تكون سوى تكتيك يساعده على القيام بوظيفته المنبرية (الدفاع الخطابي عن الشعب) وبين إرادته في ممارسته الوظيفة الحكومية، والتي جعل منها إستراتيجية وهدفا يتلهف من أجل الوصول إليه، جاعلا من ثالوثه الأبدي " تحرير، ديمقراطية، اشتراكية" مجرد شعار طواه الزمن طيا وأصبح في خبر كان".[45]

 نفس التردد ونفس الضبابية الإيديولوجية (...) تطبع الممارسة السياسية لحزب التقدم والاشتراكية. ف"من مجرد " صندوق بريد " للحزب الشيوعي السوفياتي سابقا انتقل حزب الراحل علي يعة تدريجيا نحو إخضاع برنامجه " الثوري الوطني الديمقراطي" لمتطلبات المشروعية التي يمليها الحكم، وبالتالي نحو مرحلة جعلت منه مجرد حزب إصلاحي يبحث بشغف عن مكان ظليل تحت قبة البرلمان ودواليب الحكومة".[46]

وذلك إلى درجة جعلت مسؤوليه الحاليين يعتبرون أن مواقفه السابقة " لم تكن سوى نتيجة لسوء تفاهم تاريخي ومزايدات بين الفرقاء السياسيين"[47]. وبمنطق هذا التحليل فإن اغتيال المهدي بنبركة لم يكن سوى نتاج "سوء التفاهم التاريخي بين القصر والحركة الوطنية"، ونفس الأمر بالنسبة للمحاكمات السياسية التي عرفها المغرب والانتفاضات الشعبية وما واكب ذلك من تزوير للانتخابات...

ولا يشكل حزب الاستقلال استثناء عن هذه القاعدة، "فقد تجاوز إيديولوجية السلفية الإصلاحية ومناداته بالتعادلية ليصل في نهاية المطاف إلى تزكية لا مشروطة للشرعية الملكية".[48]  بل يمكن القول إن "هذا الحزب ظل محصنا خلف تاريخه العريق، ربما لذلك لم يول اهتماما لثوابته الإيديولوجية اللهم بعض التصورات التي صاغها رواد الحزب الأوائل الذين شددوا على الخصوصية الثقافية إلى درجة التعصب، دون إغفال ضرورة التكيف مع متطلبات التطور ونقذ مظاهر التخلف ( النقد الذاتي لعلال الفاسي ). ورغم غنى تراث الحزب الثقافي والسياسي تظل هويته غامضة حتى في ازدواجية خطابه، بل وفي اتضاحه أحيانا، ولا زال لحد الآن لا يعمل على اكتساب هوية إيديولوجية، إذ يبدو الحزب، أحيانا، وكأنه عدو لكل الإيديولوجيات إذ ينتقد الاشتراكية والرأسمالية، حاليا، ويصر فقط على مغربيته في تشكلها السلفي المنفتح، ولهذا استقطب الحزب من كل الفئات ويتواصل معها رغم ندرة أنشطته خارج العاصمة، هكذا تحولت العلاقات السياسية بين مناضلي الحزب إلى علاقات شبه عائلية وصداقات ترتكز على التعاون وتبادل الخدمات".[49]

ويبدو أن نعث إيديولوجية الأحزاب المغربية بالضبابية يعد نعثا مخففا نوعا ما إذا ما قورن بحديث أحد الباحثين عن "الطابع التقليداني- الانتهازي الكامن في إيديولوجية الأحزاب السياسية المغربية والمحددة لممارستها السياسية الهادفة إلى تزكية تقليدانية النظام ذاته وإلى الحفاظ على الوضع القائم ومن ثم التستر على المصالح الكبرى"[50].

وإذا كان باحث آخر[51] قد اعتبر بأن "الهوية الإيديولوجية لكل حزب غالبا ما تترجمها برامجه، وبالتالي يسعى دائما إلى تنفيذها عبر المشاركة في السلطة أو إقناع الرأي العام  بها من خارجها"، فإن استقراء وضعية الأحزاب المغربية تبرز أن تلك البرامج، من جهة، هي أشبه ب"ترقيع إيديولوجي"[52]، ومن جهة ثانية تخلط بين ما يسميه نفس الباحث بالدور السياسي والهوية الإيديولوجية. معتبرا بأن أزمة الأحزاب المغربية يمكن اختزالها في هذا الخلط.

 ذلك أن الأحزاب السياسية، كما هي موجودة في البلدان الديمقراطية،  "تتحدد على مستوى هويتها الإيديولوجية بكونها إما أحزاب يمينية ذات توجهات رجعية أو محافظة وإما أحزاب يسارية ذات توجهات إصلاحية أو ثورية وتحدد على مستوى  الدور السياسي بكونها إما أحزاب أغلبية أو أحزاب معارضة".[53] بمعنى "أن الدور السياسي للحزب، سواء أكان في الأغلبية أو كان في المعارضة، لا يختلط بهويته الإيديولوجية وهذا التميز الواضح  بين الدور والهوية هو الذي يضفي معنى على التناوب. فوجود حزب يميني في المعارضة أو وجود حزب يساري في السلطة لا يغير شيئا في هويته الإيديولوجية"[54].

 لكن إذا كان هذا هو الوضع الطبيعي الذي ينبغي أن توجد عليه جميع الأحزاب السياسية، فإن "الحزب  المغربي تتحدد هويته انطلاقا من دوره السياسي، فعوض أن يكون الانتماء إلى الأغلبية أو إلى المعارضة مجرد دورين سياسيين يغدوان هويتين إيديولوجيتين متباينتين". [55]

لقد كان المتتبعون للوضع السياسي المغربي يتساءلون دوما عن حقيقة امتلاك الأحزاب السياسية لبرامج واضحة المعالم ومؤسسة على معطيات دقيقة تنم عن إلمام كاف ببنية المجتمع المغربي. وكان "الجواب عن هذا التساؤل تتحكم فيه إلى حد بعيد وضعية المجيب ومنطلقاته، هل هي وضعية المتتبع المستقل أو وضعية المناضل الحزبي، بل إن التساؤل يمتد ليشكك في مدى إدراك هذه الأحزاب السياسية لمدلول البرامج، خاصة وأن هذه الأحزاب، أثناء الحملات الانتخابية، كانت تتقدم للكتلة الناخبة بمجموعة من الوعود المصاغة بشكل إنشائي والخالية من أي تدقيق وتسميها برامج لدرجة تدفع إلى القول بعدم قدرة هذه الأحزاب على التمييز بين البرامج الانتخابية والوعود الانتخابية"[56].

وفي محاولته الإجابة عن سؤال حول لماذا كان يمكن اعتبار ما تقدمت به الأحزاب السياسية المغربية خلال انتخابات 1997 "برامج"؟ أعتبر أحد الباحثين المغاربة [57] أن الجواب على هذا التساؤل يتطلب استحضار ثلاث عناصر: الأول، يتمثل في مقارنة ما قيل في هذه الحملة الانتخابية بما كان يقال في الحملات السابقة، والعنصر الثاني، يتجلى في مقارنة برامج الأحزاب السياسية في ما بينها، والعنصر الثالث يتجسد في كون هل برنامج أي حزب يعكس  هويته الإيديولوجية ويحدد كذلك دوره السياسي".

 وبالارتكاز على هذه العناصر الثلاثة خلص الباحث إلى ثلاثة استنتاجات تهم طبيعة البرامج السياسية للأحزاب المغربية حددها، أولا، في أنه " ليس هناك اختلاف يذكر بين البرامج المقدمة سنة 1997 والبرامج المقدمة سنة 1993 اللهم إلا بعض المتغيرات من جراء تغير الظروف ولو بشكل طفيف"، وثانيا في أنه " لا نجد كذلك أي اختلاف مثير للانتباه، ولعل هذا التشابه  هو الذي دفع أحزاب المعارضة الحالية إلى اتهام أحزاب المعارضة السابقة بسرقة برامجها. وهذا الاتهام يؤكد في حد ذاته إقرار أحزاب المعارضة السابقة بتشابه البرامج"، و ثالثا في "عدم إمكانية التعرف على كون أن برنامج أي حزب يعكس هويته  الإيديولوجية ويحدد دوره السياسي من خلال ما تم طرحه من قبل الأحزاب السياسية، إذ لا يمكن أن نتعرف، إذا ما قرأنا هذه "البرامج" دون إلحاقها بالحزب الذي يتبناها، هل هي برامج تتعلق بحزب ينتمي إلى الوفاق أو بثان ينتمي إلى الوسط أو بثالث ينتسب إلى الكتلة الديمقراطية"[58].

وفي ظل هذا الخلط على المستوى الإيديولوجي والتماهي على المستوى البرنامجي  يصبح الحديث عن أي تمييز من قبيل "اليمين" و"اليسار" و"الوسط" فاقد لأي معنى. ولعل هذا ما شعرت به الأحزاب السياسية نفسها، ولهذا سارعت  إلى خلق تحالفات ظهرت أحيانا، بأنها ضد "الطبيعة"، فتكونت "الكتلة الديمقراطية" من حزب التقدم والاشتراكية (الحزب الشيوعي المغربي السابق) وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية،  الذي يقول الآن إنه يتبع نهج "الاشتراكية الديمقراطية" بعد أن كان يعلن صراحة تبنيه "الاشتراكية العلمية"، ومنظمة العمل الديمقراطي  (حركة 23 مارس الماركسية اللينينية سابقا) وحزب الاستقلال، الذي يقدم نفسه كحزب "تعادلي"، قبل أن ننتقل، بمناسبة مشاركة المعارضة السابقة في الحكومة، من التركيز على مفهوم "الكتلة الديمقراطية" إلى إعطاء الأولوية لمفهوم "الأغلبية الحكومية". وبالتالي  إذا كان تشكيل الكتلة قد كسر قاعدة الانتماء إلى نفس المرجعية الإيديولوجية أو السياسية كمحدد في عقد التحالفات، فإن مقولة "الأغلبية" جعلت حتى المرتكزات التي أدت إلى تشكيل "الكتلة الديمقراطية" نفسها تتوارى, فعوضت بالتالي، مرتكزات المعارضة، واقتسام التراث الرمزي للحركة الوطنية، والمصلحة في التغيير والاستقلالية عن السلطة، من حيث النشأة والممارسة، بمرتكزات أخرى كضرورة  المشاركة، "والالتقاء الموضوعي لتشكيل أغلبية برلمانية تستند عليها  حكومة التناوب التوافقي"،[59]  أو "إعادة تشكيل المشهد السياسي المغربي على أسس موضوعية الذي يبينه التناوب التوافقي"[60] أو ل"ضرورة  تعزيز مكانة التعبيرات الوسطية ودعم ثقافة الثقة".[61]

II ـ وظيفة التمثيل

ترتكز مهمة التمثيل "على دعامتين هما: الوسيلة، وهي المشاركة في الانتخابات والغاية، وهي تطبيق البرنامج السياسي للحزب.[62] وبتحليل كل بعد من بعدي المهمة التمثيلية للأحزاب المغربية نجد أن " استراتيجية الإنشاء- إنشاء الأحزاب- والتسخير والتحرش التي اعتمدها النظام في علاقته بالمجال الحزبي، أمور تبين مدى ضيق المجال السياسي الذي تتحرك بداخله الأحزاب السياسية المغربية بكل مشاربها"[63], وتدفع إلى طرح سؤال مركزي حول الحاجة إلى وجود أحزاب سياسية إذا لم يكن السعي إلى تطبيق اختيارات المنتمين إليها والمتعاطفين معها.

1-على مستوى الوسيلة: المشاركة في الانتخابات

هناك من يقول أن المعيار الوحيد والأوحد لقياس تمثيلية الأحزاب يكمن في العملية الانتخابية، والتي تبين من خلال صناديق الاقتراع مدى تجاوب المواطنين مع هذا الحزب أو ذاك. طرح صائب بالنظر إلى تجارب الأمم والدول المتقدمة، لكن الأمر يختلف عندما نكون إزاء نظام سياسي لا تظهر فيه الانتخابات كتعبير عن حقيقة إرادة الناخبين، وإنما كانعكاس للتوزان الذي تحرص الملكية على استمراره، إذ أكدت كل التجارب الانتخابية التي مر منها المغرب أن "الهاجس الرئيسي للسلطة هو البحث باستمرار على "خلق" أغلبية مدجنة تكلف بتطبيق – والتطبيق فقط- " لاختيارات الأمة – كما حددها الملك / أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة، أما الناخبون كمجموعة "رعايا" وليس كمجموعة مواطنين- فهم "غير قادرين" (قاصرين) على اختيار الأغلبية الصالحة للقيام بهذه المهمة. فمن "الطبيعي" والحالة هذه- أن تنقلب الاستفتاءات إلى مجرد "بيعات" توضح نتائجها سلفا، وأن تنقلب الانتخابات البرلمانية إلى مجرد تعيينات يمكن التكهن بنتائجها قبل إجرائها"[64].

وانطلاقا من إدراكها لهذا المعطى، فقد تعاملت "الأحزاب الوريثة للحركة الوطنية"، مع الانتخابات، في مراحلها الأولى، باعتبراها واجهة من واجهات النضال والاحتكاك المباشر بالمواطنين، التي تعكسها مقولة "المقاعد لا تهمنا"  التي بلورها  الراحل عبد الرحيم بوعبيد, الكاتب الأول السابق للإتحاد الاشتراكي ، قبل أن تنتقل، في مراحل لاحقة،  إلى التعاطي معها باعتبارها وسيلة وغاية، فجعلت منها أحزابا انتخابية.

 وعموما، فإن تتبع الممارسة الانتخابية للأحزاب المغربية يظهر أنها تميزت بالخصائص التالية:

أولا: أن الأحزاب المغربية، وبصفة خاصة أحزاب المعارضة السابقة، عاشت خلال مسارها مفارقة مقاطعة الاستفتاء على الدستور- وكل انتخابات مغربية كان يسبقها وضع دستور أو تعديله[65]-، الذي يشكل الإطار القانوني للعملية الانتخابية،  وبالمقابل قبول المشاركة في الانتخابات. ولم تكسر هذه القاعدة إلا في ثلاثة مناسبات، الأولى عندما قاطعت المعارضة، ممثلة في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وحزب الاستقلال، الاستفتاء على دستور 1970، وقاطعت في نفس الوقت الانتخابات التشريعية التي نظمت في نفس السنة. الثانية كانت عندما انفرد حزب التقدم والاشتراكية بموقفه وصوت "بنعم" على دستور 1992، والثالثة تمت بمناسبة تصويتها، باستثناء منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، على دستور 1996 ومشاركتها في الانتخابات التالية له سنة 1997.

ثانيا: أن الأحزاب المغربية تعمد إلى الطعن بالتزوير في نتائج الانتخابات وتشارك في المؤسسات المنبثقة عن تلك النتائج . وإذا كانت هذه المشاركة قد اقتصرت في السابق على المجالس الجماعية والبرلمان، فقد أتسعت، انطلاقا من سنة 1998، لتشمل الحكومة، التي دخلها الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية لأول مرة في تاريخهما.

ثالثا: أن الأحزاب المغربية تميل أكثر إلى تفضيل التوافقات المسبقة حتى لا تكون النتائج الانتخابية مفاجأة بشكل كبير. فقد تحدث أكثر من مسؤول حزبي عن ما يعرف بنظام "للكوطا" يتم بين قادة الأحزاب والدولة لرسم خريطة مسبقة للانتخابات[66].

رابعا: أن هناك صنف من الأحزاب السياسية يمكن أن يصطلح عليها بأحزاب اللحظة الانتخابية، بحكم اعتبارين اثنين، الأول يتجسد في نشوئها بمناسبة الانتخابات, وقد عرفت كل تجربة انتخابية نشأة حزب سياسي أو تكتل سياسي[67]. والثاني يتمثل في كون الانتخابات تعد المناسبة الوحيدة التي يعرف من خلالها الرأي العام  بعض الأحزاب، بحيث ما أن تنتهي الانتخابات حتى تغلق المقرات المكتراة فقط لهذه المناسبة وتجمد كل أنشطتها.

خامسا: ليس هناك تلازم بين نتائج الانتخابات وتشكيل الحكومة. وإذا كانت الانتخابات التشريعية لسنة 1997 قد شهدت بداية التخلي عن هذه "القاعدة"، التي ميزت الحياة الساسية المغربية، حين تم تعيين وزير أول من الحزب المتصدر لنتائح الانتخابات، فإن ما حصل خلال الانتخابات الموالية سرعان ما كشف أن الإعتماد على وزير أول حزبي سرعان ما كان مجرد سحابة صيف عابرة، حيث ستتم العودة من جديد إلى خيار التقنوقراط. صحيح أن تحول إلى الصفحة الأخرى, تشكيل الحكومة التي أعقبت الانتخابات التشريعية قد عرف العودة من جديد إلى ما بات يعرف ب"المنهجية الديمقراطية" غير أن النص الدستوري, و بالتحديد الفصل 24 منه, في إعطاء حرية مطلقة للملك في تعيين الوزير الأول, قد لا يمنع في المستقبل من الخروج عن هذه المنهجية.

وإذا كان هناك من فسر هذا الاختيار بالصراع الحاد الذي نشب بين حزبي الاتحاد الاشتراكي  والاستقلال غداة الإعلان عن نتائج الانتخابات، حيث تمسك الأول بأحقيته في الاستمرار على رأس الحكومة، انطلاقا من أن الانتخابات بوأته المرتبة الأولى، بينما طالب الثاني، بتجسيد "النويبة" في قيادة الحكومة، لكن التفسير الذي يبدو أقرب إلى المنطق هو أن هذا الإختيار كان مبنيا على إرادة "العهد الجديد" في وضع حد لترتيبات وضعت في ظل "العهد القديم" بين الملك الراحل الحسن الثاني ومعارضته. وقد أظهرت العديد من القرارات الأخرى التي اتخذها الملك محمد السادس فيما بعد هذا التوجه.    

2- على مستوى الغاية: تطبيق البرنامج

يظهر من خلال الخصائص السابقة أن الانتخابات إذا كانت تمكن الأحزاب المغربية من تقديم مرشحين وتسيير مجالس جماعية وممارسة جزء من الوظيفة التشريعية والرقابية داخل البرلمان، فضلا عن المشاركة في الحكومة، فإنها لا تمكنها من تحقيق وظيفتها الأساسية، وهي تطبيق برامجها السياسية بالرغم مما تثيره كلمة برامج هنا من تحفظ. وترتبط هذه المسألة، بدرجة أساسية، بتحديد أسلوب تطبيقه هذه البرنامج، أي تحديد نوعية المؤسسة التي سيتم من خلالها هذا التطبيق.

وباستقراء تجارب المؤسسات التي انبثقت عن الانتخابات المغربية نجد أنها  لم تكن لتساعد على تحقيق هذه الغاية، إما لمحدودية دورها في اتخاذ القرار السياسي وإما لطبيعة تركيبتها. فالبرلمانات المغربية التي تشكلت لحد الساعة جسدت مفهوما خاصا للبرلمان "يختلف عن نظيره الغربي لأن الملك، أمير المؤمنين، هو الذي يحدد اختيارات الأمة الأساسية ويكتفي الجهاز التنفيذي ومجلس النواب بالحرص على تنفيذ هذه الاختيارات الملكية، ومن هنا فإن الأحزاب المغربية تتصرف كهيئات مساعدة للملك تعبر عن اختلاف أعضاء النخبة في كيفية تنفيذ اختيارات الأمة ضمن حرية للتعبير لا ينبغي أن تمس الملكية والدين الإسلامي كدين للدولة والقضايا التي حصل حولها إجماع وطني"[68].

وإذا كانت "الوضعية القانونية" للبرلمان قد عرفت تغيرات من خلال المراجعات  الدستورية المتتالية التي عرفها المغرب، فإن الإنتقال من الثنائية البرلمانية المقررة سنة 1962 إلى الأحادية البرلمانية المعمول بها إلى حدود سنة 1996، ثم العودة من جديد إلى الأخذ بنظام ثنائي، لم يؤد إلى جعل هذه المؤسسة تقوم بوظائفها كاملة في مجال التشريع والمراقبة.

 وبالرجوع إلى المراجعة الدستورية الأخيرة- أي دستور 1996- يظهر أنها تؤكد حقيقتين أساسيتين، الأولى تكمن في النظرة الثابتة التي ظلت تحكم النظام السياسي في علاقته بالمؤسسة البرلمانية ووظائفها الأساسية داخل هذا النظام، والثانية تتجلى في أن التغيرات التي حدثت على مستوى هذه المؤسسة كانت شكلية, لم تغير في شيء الحقيقة الأولى.

ولكن, إذا كانت هذه المراجعة لم تخرج عن سياق المراجعات السابقة فما الذي جعلها تحظى بشبه إجماع للقوى السياسية، وبصفة خاصة تلك التي ظلت إلى حين تعارض بشدة طبيعة الدستور المعمول به؟ في تبريرها للموقف الذي عبرت عنه من دستور 1996 لم تشر أحزاب المعارضة السابقة إلى أنها مقتنعة بمضمون ما حمله هذا الدستور وبكونه استجاب لجوهر مطالبها، وإنما دافعت في سبيل إقناع قواعدها وهيئاتها المقررة بترجيح الاعتبارات السياسية على اعتبارات النص، كما يظهر، وبشكل واضح، في هذا الكلام الصادر عن عبد الرحمان اليوسفي، الكاتب الأول السابق للإتحاد الاشتراكي، وهو يخاطب أعضاء اللجنة المركزية لحزبه: " فإذا كان مكتبكم السياسي يدعوكم اليوم لاعتماد موقف إيجابي من مشروع المراجعة الدستورية فليس لأن هذا المشروع يلبي جميع طموحاتنا، وإن كان يتضمن عناصر نرتاح لها ويفتح إمكانية تصحيح ما فسد في سنة 1993، بل إن الموقف السياسي في حد ذاته يتجاوز الإشكالية الدستورية ومن شأنه أن يعالج وضعا سياسيا عانت منه البلاد إلى حد الآن،  ويقف حجر عثرة في وجه انطلاق البلاد نحو معالجة مشاكلها العويصة"[69] .

والنتيجة، هي "أن البرلمان، وحتى في ظل ما هو مسموح به دستوريا ومتاح على صعيد الواقع، لا يقوم بأدواره كاملة (...) ولا يسمح  بالرهان كثيرا على المؤسسة التشريعية في ضوء مكونات هذه الأخيرة، وطبيعة ميزان القوى الذي يحكم عناصرها وهذا ما يفسر خيبات الأمل التي طبعت نظرة قطاعات واسعة في المجتمع للبرلمان وللعمل البرلماني بشكل عام وإمكانية تأثيره في الحقل السياسي المغربي"[70].

بل وطبعت، أحيانا، حتى رؤية رئيس مجلس النواب، خلال الولايتين التريعيتين السادسة والسابعة، الذي لم ينكر وجود هذه الصورة السلبية، وإن كان يرجعها إلى أسباب تاريخية، معتبرا أن "البرلمان  منذ نشأته كان يحمل معه هذه الإعاقة"،[71] قبل أن يضيف أسباب أخرى يعتبر أنها " تولد ذلك الحكم السلبي على المؤسسة البرلمانية"، حددها في "سوء تصرف بعض الأفراد والجماعات وتفشي ظاهرة غياب البرلمانيين وتدني مستوى النقاش في بعض الفترات، وكثرة الألوان السياسية التي أشاعت نوعا من الخلط في الأذهان، وضعف الكفاءة، علاوة على ظاهرة الترحال، وكذا بعض  الممارسات الأخرى"[72]...

ما ينطبق على العمل البرلمان ينطبق على العمل الحكومي، ذلك أن الأحزاب التي تجد نفسها عاجزة عن تطبيق برامجها السياسية على مستوى المؤسسة التشريعية تلاقي نفس الصعوبة في تجسيد نفس الطموح على مستوى الحكومي. فطيلة الأربيعين سنة التي تلت استقلال المغرب حكم على "أحزاب الحركة الوطنية" من الناحية النظرية على الأقل- بالوجود على هامش تسيير الشأن العام الحكومي، باستثناء تجارب قصيرة عرفت مشاركة حزب الاستقلال في الحكومة، وكان النقد الأساسي الذي توجهه هذه الأحزاب للأخرى التي وجدت في الحكومات السابقة هو أنها جزء من النظام وتنفذ سياسته. بعد مرور كل هذه المدة أدت متطلبات تفادي "السكتلة القلبية"، بتعبير الملك الراحل الحسن الثاني، إلى أن تعود هذه الأحزاب إلى مجال غادرته لمدة طويلة، فهل استطاعت الآن بعد ما يقارب عن عقد من الممارسة الحكومية أن تتجاوز ما كانت تعتبر عيب المشاركة الحكومية ؟

تظهر التجربة التي قضتها المعارضة السابقة في الحكومة أن هذه المهمة لم تتحقق، وأن الربط بين المشاركة في الحكومة وتطبيق البرنامج الانتخابي للأحزاب المشاركة لازال بعيد المنال. ويعود هذا الأمر إلى عدد من العوامل، يمكن إجمالها في ثلاثة:

ـ الأول، يتجلى فيما يمكن تسميته بتساهل المعارضة في فرض شروط المشاركة. فطيلة الفترة السابقة كانت تقدم لهذه الأحزاب عروضا  للمشاركة في الحكومة إلا أنها كانت ترفضها بدعوى أن العرض المقدم لا يستوفي الشروط التي تمكنها من تجريب اختياراتها. فبتاريخ 23 شتنبر 1972 وجه الملك الراحل رسالة إلى الأحزاب السياسية يطلب منها "اطلاعه على الإمكانيات السياسية التي تسمع بالمشاركة في جهاز حكومي يعكس الإجماع وقادر على تحقيق الأهداف الكبرى"، فكان من ضمن الشروط التي طرحتها "الأحزاب الوطنية"، "تشكيل حكومة تحظى بالسند الشعبي والتي يكون من ضمن مهامها السهر على نزاهة الانتخابات...". [73]. وحسب أحد الباحثين،  ف"يبدو أن الملك صدم بالشروط التي طرحتها الأحزاب التي تمت استشارتها  فقرر أن يستمر في سياسته الخاصة بدونها، تحت شعار الإقلاع الاقتصادي بتبني مخطط خماسي جديد جد طموح"[74].

وإذا كانت عروض الملك لأحزاب المعارضة لم تتوقف بعد ذلك، فإنها اتخذت، انطلاقا من بداية التسعينيات من القرن الماضي،  طابع الملحاحية، كما تبرز  ذلك، من جهة، خطب الملك التي قال في إحداها: "كان بودي شعبي العزيز اليوم وأنا أذكرك وأهنئك بالمسيرة الخضراء أن أنقل إليك بشارة مسيرة أخرى مسيرة سياسية في بناء مجتمعنا ليومنا وغدنا.. (...) هذه المسيرة ولدت يوم رأينا أن الأسرة السياسية المغربية انقسمت إلى قسمين قسم يسمى الكتلة وقسم يسمى الوفاق (...) إنني أتكلم بهذه المرارة ليس لأنهم رفضوا بل لأنهم عطلوا تلك المسيرة الجديدة التي كنت أريد أن أفتحها  هذا اليوم 6 نونبر مسيرة التداول بكفتين في الميزان مسيرة مجموعتين سياستين"[75]. ويظهرها، من جهة أخرى، لجوءه، ولأول مرة، إلى الإقرار بواقع الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، من خلال نشر أرقام صادمة لوضعية الاقتصاد المغربي تضمنها تقرير أنجز من لدن البنك العالمي ونشر، برغبة من الملك، على نطاق واسع.

في هذه المرحلة، كما في سابقها شددت أحزاب المعارضة على ضرورة  "الوصول إلى إقرار تمثيلية تتمتع بالثقة وتحظى بالمصداقية"، وتشكل موضوع انبثاق الحكومة عن انتخابات حرة ونزيهة شرط أساسي لأية مشاركة. فبعد العرض الملكي المقدم لها، بتاريخ22 أكتوبر1933، كان جوابها، كما يلي: " على امتداد السنتين الأخيرتين ثابرت أحزابنا بكل مسؤولية من أجل تهيئي الشروط السياسية والقانونية لوضع الإصلاح السياسي المنشود على أسس متينة، ساعية ما استطاعت إلى التوافق، وباذلة كل جهد رغم التعثرات للوصول إلى إقرار مؤسسات تمثيلية تتمتع بالثقة وتحظى بالمصداقية، وللأسف الشديد فإن سلوك الجهاز الحكومي كان منافيا لتوجيهات جلالة الملك الواضحة حول نزاهة وشفافية الانتخابات، الأمر الذي شكل خيبة أخرى للتطلع الشعبي إلى إقرار سلامة الانتخابات وبعث الثقة في حريتها ونزاهتها لتأمين المصداقية الكاملة للمؤسسات المنتخبة". [76] وتضيف نفس المذكرة أن " الحكومة الكفيلة بوضع المغرب في سكة التغيير، عليها أن تكون طبقا للدستور، حكومة مسؤولة وقوية ومنسجمة ومتضامنة لتقوم بدورها كاملا في ممارسته وظائفها". وإثر تصويتها "بنعم" على دستور1996 أصدر حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي بيانا أكدا فيه "أن نزاهة الانتخابات التي لا مطعن فيها لأحد هي مفتاح الأمل لتشييد دولة المؤسسات وسيادة القانون وليربح المغرب رهاناته حاضرا ومستقبلا"[77].

إلا أن الذي كان يطرح كشرط للمشاركة في الحكومة تحول بعد 4 فبراير 1998 [78] إلى غاية منشودة وأضحت المهمة الأولى التي "أسسنا على قاعدتها موقفنا التاريخي-يقول عبد الرحمان اليوسفي- الذي اتخذناه في الدورة السابقة للجنة المركزية (المقصود موقف المشاركة في الحكومة) ....هو مواصلة مسلسل الإصلاح المؤسسي في اتجاه تعزيز دولة الحق والقانون وقيام مؤسسات منتخبة نزيهة وزرع أساليب الشفافية..." [79]. وبالتالي لم يعد ضمان نزاهة الانتخابات شرط لأية مشاركة حكومية بقدر ما أصبحت المشاركة في الحكومة هي التي بإمكانها أن تهيئ الشروط لتحقيق النزاهة الانتخابية. ولكن النتيجة، التي أدت إليها هذه المنهجية، هي أن من دخلوا إلى الحكومة بهذه الطريقة كانوا هم من أشرفوا على انتخابات (انتخابات 2002 التشريعية)، كانت الوحيدة في تاريخ المغرب التي لم تنشر نتائجها.

 ـ الثاني، يتمثل في مشاركتها في ظل سياق انتخابي غير ملائم. فمن جهة، فإن الانتخابات التشريعة لسنة 1997، كان الجميع قد طعن في نتائحها. فعقب هذه الانتخابات أصدرت أحزاب الكتلة الديمقراطية مجتمعة بيان لها، بتاريخ 14 دجنبر 1997،  جاء فيه على الخصوص: "إن أحزاب الكتلة الديموقراطية بعد تحليلها الشامل للوقائع والأحداث التي ميزت الظروف التي تمت فيها هذه الاستحقاقات الانتخابية، تذكر أن إرادة إفساد المسلسل الانتخابي  قد برزت منذ الانتخابات الجماعية وتأكدت في الانتخابات المهنية وانتخابات أعضاء مجالس العمالات والأقاليم  والجهات ومكاتبها وتعمقت في انتخابات أعضاء  مجلس النواب بتاريخ 14 نوفمبر 1997 وانتخابات مجلس المستشارين في 5 دجنبر1997". ومن جهة أخرى، لم تعطيها أغلبية، مما اضطرها إلى التحالف مع أحزاب كانت تحملها مسؤولية سوء التدبير في المرحلة السابقة. والنتيجة هي تشكيل حكومة عبارة عن فسيفساء يضم سبعة أحزاب، فضلا عن "حزب التقنوقراط".

 وهذه الوضعية كثيرا ما أدت إلى تضارب المواقف داخل الحكومة بخصوص العديد من القضايا وأدت إلى حصول نوع  من الارتباك في أدائها. والأمثلة عديدة في هذا المجال. من ذلك، مثلا، الخلاف الذي ثار داخل الحكومة حول مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية حين انفرد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بموقف مغاير أشهره على نطاق واسع، معتبرا إياها بأنها "اشتملت على العديد من العناصر التي تمس حياتنا الدينية ومقومات الأسرة المغربية المبنية على الشريعة الإسلامية وهذا هو سبب فشل الخطة" [80]. فضلا عن مواقف عدم أداء الحكومة,  التي ظل يعبر عنها حزب الاستقلال، الحزب الرئيسي في الحكومة وفي المعارضة السابقة ، حيث وجه أمينه العام، عباس الفاسي، رسالة إلى الوزير الأول يشير فيها إلى "ما يعتمل في وسط المغاربة من إحساس بالخيبة أمام أداء حكومي لم يظهر بتميز وتيرته أو أسلوبه"، ويطرح فيها "ضرورة رفع الأداء الحكومي وضرورة إعطاء إشارات قوية للشعب المغربي لبعث أمل جديد ولتأمين رصيد الثقة وترسيخه" [81].

ووضعية كهذه كان من الطبيعي أن تجلعنا، من جهة، "أمام برنامج ليبرالي لحكومة ذات قيادة اشتراكية، حيث عملية التخصيص سائرة في طريقها، وكذلك تشجيع المستثمرين الخواص، وحتى بعض الخدمات  العامة مثل النظافة والتطهير أخذت تسند لشركات خاصة، بالإضافة إلى استمرار وزارة المالية في بناء سياستها على أساس التوازنات"،[82] كما قال أحد وزراء الحكومة نفسها، دون أن يكون للوزير الأول الاشتراكي نفسه رأي مخالف وهو يقول: "لقد سهرت الحكومة على أن تؤسس سياستها الاقتصادية على التحكم في التوازنات المالية الأساسية واستقرار الإطار الإجمالي للاقتصاد الوطني". ومن جهة أخرى، أمام "برنامج غير حزبي"، حيث البرنامج الحقيقي عادة ما يتم وضعه من لدن الملك، ويأتي متضمنا إما في خطب أو في توجيهات ملكية. ولذلك، فلدى تعيينه الوزير الأول حرص الملك الراحل على رسم بعض معالم السياسة التي يتعين تطبيقها، منطلقا في ذلك من أن الحكومة هي " دائما حكومة صاحب الجلالة وإن كانت قيادتها اشتراكية فإنها لا تخرج على الخط الذي سارت عليه الحكومات السابقة ولن تتميز إلا بمستوى أدائها، لأن الحكومة يرسمها جلالة الملك بحكم الدستور"، كما يشير إلى ذلك عضو بالحكومة.[83]

خاتمة

ثمة خالصة أساسية تحاول هذه الدراسة إبرازها,وهي أن وظيفة الأحزاب في النسق السياسي المغربي تبقى ثانوية مقارنة بالوظيفة التي تمارسها نظيرتها في البلدان الغربية. هذه الخالصة الأساسية تؤدي إلى أخرى,وهي أن الوظيفة المحدودة للحزب المغربي ,إذا كانت مرتبطة بعوامل موضوعية, كالإطار الدستوري و طبيعة النظام السياسي...,فإنها مرتبطة أيضا بعوامل ذاتية, ترتبط ببعض الإختلالات التي تعيشها الأحزاب المغربية في حياتها الداخلية, إذ لا معنى للحديث عن الصعوبات التي تواجه الأحزاب السياسية لبرامجها, إذا لم تكن تتوفر أصلا على مثل تلك البرامج, كما لا معنى للحديث عن عوائق دستورية تحول دون ممارستها لوظائفها إذا كانت ال تسعى لتفعيل "الإمكانيات الدستورية" الموجودة...

الهوامش

[1] - معتصم محمد: " الحياة السياسية المغربية"، مؤسسة إزيس للنشر، الطبعة الأولى سنة 1992، ص 144.

[2] -  المادة 1 من قانون الأحزاب السياسية.

[3] - المادة 2 من قانون الأحزاب السياسية.

[4] - المادة 2 من قانون الأحزاب السياسية.

[5] - حمزاوي زين العابدين: "الظاهرة الحزبية بالمغرب: مقاربة نقدية على ضوء تجربة التناوب السياسي"، مجلة "نوافذ"، يوليوز 2000 ص 198.

[6]  ـ يتعلق الأمر بمحمد شقير في كتابه الخاص ب"القرار السياسي بالمغرب".

[7]  ـ حمزاوي زين الدين:" الظاهرة الحزبية...."، مرجع سبق ذكره.

[8] ـ ضريف محمد: " في أزمة الأحزاب السياسية : ثلاث مقاربات مركزية"، أسبوعية "الحدث" ع. 6 بتاريخ 2 نونبر 2000.

[9]  ـ بوجداد أحمد: "الملكية والتناوب: مقاربة لاستراتيجية تحديث الدولة وإعادة إنتاج النظام السياسي"،  الطبعة الأولى سنة 2000، ص 113.

[10] ـ ضريف محمد: "في أزمة الأحزاب......"مرجع سبق ذكره.

[11] عنوان الكتاب الشهير للباحث الفرنسي الراحل ريمي لوفو.

[12] - قرنفل حسن:" المجتمع المدني والنخبة السياسية: إقصاء أم تكامل"، أفريقيا الشرق، ص 196.

[13] -  تصريح للسيد المهدي شقرون ل"أسبوعية الحدث"، بتاريخ 8 فبراير 2001.

[14] -قرنفل حسن: " المجتمع المدني..."، مرجع سابق ذكره، ص 208.

[15] - أورده قرنفل حسن في المرجع الذي  سبق ذكره، ص 208.

[16] جريدة "الاتحاد الاشتراكي" بتاريخ 15 يوليوز 1985.

[17] ـ وهو إحصاء لم يتم الإعلان عن نتائجه رسميا, سواء بمناسبة المؤتمر أو بمناسبات أخرى.

[18] ـ جرى حله سنة 2006 بعد أن اندمج أعضاؤه في إطار حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

[19] ـ  جريدة "الاتحاد الاشتراكي" بتاريخ 28 مارس 2001، ص.1.

[20] ـ هذا الرقم أعلن قبل حدث الانسحاب من المؤتمر.

[21] ـ جريدة الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 31 مارس 2001، ص 1.

[22] - يتعلق الأمر بالدكتور عبد المجيد بوزبع في استجواب له  مع جريدة "الصباح" بتاريخ .....

[23] - " بيان اليوم" بتاريخ 7 يوليوز 2001.

[24] - براو فيليب:" علم الاجتماع السياسي" ، ترجمة محمد عرب صاصيلا، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1998، ص 395.

[25] - كما أشارت إلى ذلك كوليت إيسمان، حسب ما أورده براوفيليب، نفس المرجع المذكور، ص 395.

[26] -  باسكال بيرينو:" الالتزام السياسي: تراجع أم تحول" (بالفرنسية)، منشورات " المؤسسة الوطنية للعلوم السياسية"، الطبعة الأولى 1994، ص 46.

[27] - مذكرة داخلية تحمل  رقم 5/2001 موجهة من المكتب السياسي للحزب إلى أعضاء لجنته المركزية تتضمن التقرير المالي لسنة 1999 و 2000.

[28] - تصريح للسيد نجيب الوزاني عضو المكتب السياسي السابق  للحركة الشعبية والأمين العام الحالي لحزب العهد لأسبوعية "الحدث" بتاريخ 8 فبراير 2001.

[29] -  كشف أحد الباحثين كان من بين الذين اشتغلوا ضمن اللجنة التي أعدت التقرير الخاص بخمسين سنة من الاستقلال أن إحدى اللجان توصلت إلى أن عدد المنتسبين للأحزاب لا يتعدى 1 في الما ئة فقط، مما جعل المستشار الملكي عبد العزيز مزيان بلفقيه، الذي أشرف على هذا العمل، يطلب من أعضاء اللجنة عدم إدارج تلك النسبة ضمن التقرير النهائي. 

[30] -  الساسي محمد:" العلاقة بين المال والسياسة: في بعض تقنيات الإدماج المالي للنخب"، جريدة "العمل الديموقراطي"، ع 16، من 24 أبريل إلى 2 مارس 2001.

[31] - قرنفل حسن: "آفاق التحول الديموقراطي"، مجلة نوافذ، الجزء الثاني، ع 1 أبريل 2000، ص: 22.

[32] -قرنفل حسن: المرجع السابق، ص, 22.

[33] - محمد الحبيب الطالب (عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الديموقراطي)في ندوة حول "الأحزاب السياسية المغربية ورهانات الديموقراطية الداخلية", الجزء الأول بجريدة "الأحداث المغربية" بتاريخ 29 أبريل 2001.

[34] - مشروع الأرضية التنظيمة المقدم للمؤتمر الوطني السادس.

[35] - مشروع الأرضية التنظيمية.

[36] - منظمة العمل الديمقراطي الشعبي: "التوجه التنظيمي المصادق عليه من لدن المؤتمر الوطني الرابع للمنظمة"، مارس 2000 .

[37] -  نفس المرجع.

[38] - انشغل هذا الحزب، في السنوات الأخيرة، باستقطاب أصحاب رؤوس الأموال، إذ يظهر، مثلا، من خلال قائمة مرشحيه للانتخابات التشريعة لسنة 2007 أن 20 مرشحا ضمنها كانوا أعضاء سابقين ب"الأحزاب الإدارية".

[39] - بحسب تصريح كاتبه الأول فإن عدد الوافدين الجدد، من خلال :الأبواب المفتوحة"، وصل إلى 20 ألف عضوا.

[40] -  المهدي بنبركة:" الاختيار الثوري",وثيقة كانت قد قدمت للمؤتمر الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1962.

[41] - في الأصل كانت وثيقة "الاختيار الثوري " عبارة عن تقرير قدم للمؤتمر الوطني الثاني لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية لكنه رفض.

[42] - أكنوش عبد اللطيف:" واقع المؤسسة والشرعية في النظام السياسي المغربي على مشارف القرن 21"، مكتبة بروفانس الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1999، ص 73.

[43] - نفس المرجع، ص 80

[44] - نفس المرجع، ص 80/81.

[45] -  نفس المرجع، ص 81 .

[46] - نفس المرجع، ص 81.

[47] - العلوي إسماعيل:" حزب التقدم والاشتراكية معركة متواصلة من أجل السيادة الأمة المغربية وتقدم المجتمع المغربي", مجلة"نوافذ" ع8/9 شهر يوليوز 2000 ص:17.

[48] - أكنوش عبد اللطيف: "واقع المؤسسة ..."، مرجع سبق ذكره، ص 81.

[49] - المصباحي حميد: "آليات اشتغال الأحزاب السياسية بالمغرب: حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي"، مجلة نوافذ، عدد8/9 شهر يوليوز2000 ص 186.

[50] - أكنوش عبد اللطيف: " واقع المؤسسة............"، مرجع سبق ذكره،.ص 82/83.

[51] - يتعلق الأمر بضريف محمد في كتابه "المغرب في مفترق الطرق: قراءة في المشهد السياسي"، منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي، الطبعة الأولى، 1996، ص: 56.

[52] -قرنفل حسن: " النخبة السياسية والسلطة: أسئلة التوافق"، أفريقيا الشرق، الطبعة الأولى 1997، ص 191.

[53] - ظريف محمد... المرجع السابق، ص: 50.

[54] - ضريف محمد, المرجع السابق,ص,0 5.

[55] - ضريف محمد, المرجع السابق,ص, 50.

[56] - ضريف محمد: "الحقل السياسي المغربي، الأسئلة الحاضرة والأجوبة الغائبة", ص: 170.

[57] -  ضريف محمد.. الحقل السياسي المغربي، الأسئلة الحاضرة والأجوبة الغائبة ص: 170.

[58] -  ظريف محمد: " الحقل السياسي المغربي، الأسئلة الحاضرة والأجوبة الغائبة"، منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي، الطبعة الأولى نونبر 1998،  ص 170.

[59] كما طرح ذلك حزب التقدم والاشتراكية في  مشروع  الأطروحة السياسية المقدم للمؤتمر  السادس سنة 2001 ، ص 20 ، منشورات الحزب.

[60] - كما يطرح ذلك الحزب الاشتراكي الديمقراطي في " مشروع الوثيقة السياسية" المقدم للمؤتمر  الأول 13-14-15 يوليوز 2001 منشور الأحزاب ص: 21.

[61] - كما يطرح ذلك الاتحاد الاشتراكي في " مشروع الأرضية السياسية" المقدمة للمؤتمر  السادس منشورات دار النشر المغربية ص: 44.

[62] - ضريف محمد: في " أزمة الأحزاب"..... مرجع سابق.

[63] - أكنوش عبد اللطيف:" واقع المؤسسة".....مرجع سابق ص:77/78.

[64] - أكنوش عبد اللطيف:" واقع المؤسسة..."  مرجع  سابق، ص: 77-78.

[65] - باستثناء انتخابات 2002 و2007.

[66] -  سبق لمحمد الحبابي، وهو عضو مكتب سياسي سابق بحزب الاتحاد الاشتراكي، أن صرح لنا بأنه هو من كان مكلف من طرف الراحل عبد الرحيم بوعبيد، عندما كان هذا الأخير كاتبا أول للحزب المذكور، للتفاوض مع وزارة الداخلية على هذه الكوطا الانتخابية قبل أن يؤكد ذلك في مقال له صادر بجريدة الأحداث المغربية,بتاريخ...

[67] - جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية سنة 1963، التجمع الوطني للأحرار سنة 1977 الاتحاد الدستوري سنة 1983، "الكتلة الديمقراطية" و"الوفاق" سنة 1992 والحركة الاجتماعية الديمقراطية سنة 1997

[68] - معتصم محمد: " الحياة السياسية 1962- 1992"، مرجع سبق ذكره، ص ....

[69] - في كلمة عبد الرحمان اليوسفي أمام الدورة الاستثنائية للجنة المركزية للحزب بتاريخ 4 شتنبر 1996، المنشورة ضمن كتاب  "الاتحاد الاشتراكي: من المعارضة إلى التناوب نضال من أجل الانتقال الديمقراطي"، منشورات الحزب ص, 170.

[70] - مالكي امحمد:" السؤال في الممارسة البرلمانية المغربية"، أشغال ندوة القانون والممارسة بالمغرب بكلية الحقوق فاس، 1994.

[71] - عبد الواحد الراضي في  استجواب مع جريدة "الاتحاد الاشتراكي" بتاريخ 11 أكتوبر 2000

[72] -  نفس الاستجواب.

[73] - مذكرة بتاريخ 14 أكتوبر 1972 موقعة من لدن عبد الرحيم بوعبيد و علال الفاسي وموجهة إلى الملك,منشورة لجوليات: حول شمال إفريقيا (AAN) 1972.

[74] -  EL BENNA ABDELKADER, L’.UNFP naissance et développement  1991 P88.

[75] - خطاب الملك بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء 6 نونبر 1993, جريدة الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 8 نونبر 1993

[76] - مذكرة موجهة إلى القصر الملكي من لدن أحزاب الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي ومنظمة العمل، منشورة بجريدة "الاتحاد الاشتراكي" بتاريخ 5 نونبر 1993.

[77] - جريدة "الاتحاد الاشتراكي" بتاريخ 6 شتنبر 1996. 

[78] -  تاريخ تعيين عبد الرحمان اليوسفي وزيرا أول.

[79] - كلمة عبد الرحمان اليوسفي أمام اللجنة المركزية لحزبه بتاريخ 12 شتنبر 1998. 

[80] - استجواب مع جريدة "الشرق الأوسط" بتاريخ 2 ماي 2001.

[81] نص المذكرة منشور بالعدد 55 من أسبوعية" الصحيفة" الصادر بتاريخ (22- 28 أكتوبر 1999)

[82] -  حسب عبد الكبير العلوي المدغري وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في استجوابه المذكور.

[83]ـ  حديث السيد عبد الكبير العلوي المدغري المشار إليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق