انتخابات بلا ديمقراطية - مدونة تحليل السياسات

اَخر المشاركات

منصة إلكترونية تعنى بقضايا المعرفة السياسية

الجمعة، 10 أغسطس 2018

انتخابات بلا ديمقراطية


عزيز فرحات


أغلب ما يكتب حول من سيفوز بالانتخابات التشريعية التي ستجرى يوم السابع من أكتوبر لا تخرج عن خيارين و هما العدالة والتنمية او الاصالة والمعاصرة وتناسوا الماكينة الانتخابية لحزب الاستقلال و ماذا عن الحركة الشعبية و التجمع الوطني للأحرار؟ و هناك ايضا من يبالغ بحماسفي الدفاع عن الاطروحة التي تقول ان الدولة تريد إيصال البام الى الحكومة،   من خلال المعطيات التي توفرها لنا التجربة المغربية على مدى سنوات يمكننا القول ان الملكية كانت دائما ترفض الثنائية الحزبية و تعمل على بلقنة العمل الحزبي المغربي. في نظري فإن حصر التنافس بين حزبين فقط فيه نوع من الوهم و عدم معرفة كيفية اشتغال الأنظمة الملكية و كيف تنظر هذه الاخيرة الى دور الأحزاب و كذلك الانتخابات في إطار نظام سياسي سلطوي. كيف ذلك؟

نظريا لفهم أهمية الانتخابات في الأنظمة السلطوية و مدى تأثيرها على وزن الأحزاب السياسية يجب اولا القول ان نوع النظام السياسي ( هنا الحديث هل النظام ملكي ام جمهوري) يلعب دورا مهما في تحديد معالم الخريطة السياسة بعد الانتخابات. هنا يجب التأكيد على ان الأنظمة الملكية تدعم النظم الانتخابية التي تحقق نوعا من توازن القوى بين الأحزاب السياسية دون ان يشكل هذا التوازن منافسا حقيقيا للحاكم على احتكار القرار داخل الدولة.

كما أشار الى ذلك دوفيرجي فان هناك علاقة قوية بين النظام الإنتخابي والنظام الحزبي، و علاقة بالانظمة الملكية السلطوية فإن هذه الاخيرة تدعم القوانين الانتخابية التي تسمح بتمثيل اكبر عدد من الأحزاب السياسية. هذه المسألة تتأتى نظرا لان النظام هو الذي يتحكم في المفاوضات المتعلقة ببلورة القوانين الانتخابية حيث تتحدد هذه الاخيرة من فوق و تبقي سلطة القرار رغم الانتخابات داخل النظام الحاكم، و مثال ذلك هو دور وزارة الداخلية في المغرب والتي هي تابعة بشكل غير مباشر للقصر.

نظريا لفهم أهمية الانتخابات في الأنظمة السلطوية و مدى تأثيرها على وزن الأحزاب السياسية يجب اولا القول ان نوع النظام السياسي ( هنا الحديث هل النظام ملكي ام جمهوري) يلعب دورا مهما في تحديد معالم الخريطة السياسة بعد الانتخابات.
تبعا لما سبق فإن نتائج الانتخابات تعكس موازين القوى داخل النظام الذي يكون هو المحرك الرئيسي للعبة الانتخابية. المهم اذن ان القوانين الانتخابية تكون ذات طابع يهدف الى توزيع جزء من السلطة السياسية بين الأحزاب السياسية المتنافسة و بذلك يتحقق نوع من تبعية الجميع للحاكم حيث يضمن هذا الأخير استقرار النظام السياسي. 

كل ما سبق ذكره يعكس ماهية الأنظمة الملكية و التي تعتبر في جوهرها انظمة مهيمنة تسمح بهامش مهم من المنافسة المتحكم فيها في إطار نوع من التعددية الحزبية. و هذا بخلاف الجمهوريات ذات نظام الحزب الوحيد و التي تدعم النظم الانتخابية التي من خلالها يتمكن حزب النظام من ضمان اغلب المقاعد داخل البرلمان المنتخب و مثال ذلك هو ما كان عليه الحال في مصر، تونس و سوريا قبل الثورة.  

ثلاث ملاحظات أساسية يمكن الخروج بها كخلاصة لما سبق ذكره.

الخلاصة الاولى تهم الأحزاب: هنا سأستعمل مصطلح الزبونية التنافسية لإلين لوست (2009) من خلال دراستها للانتخابات في الشرق الأوسط و شمال افريقيا خلصت الى ان الانتخابات تقوي النظم السلطوية عِوَض ان تضعفها، و جزء من العطب و ليس كله تتحمله الأحزاب السياسية  لان هذه الاخيرة تعتبر الانتخابات فرصة مهمة للوصول الى جزء محدود من موارد الدولة. في هذا الاطار اذن عِوَض ان تكون الانتخابات وسيلة ضغط على النظام من اجل دمقرطته، تعتبر الانتخابات آلية فقط لتوزيع الريع الانتخابي، مما يقلل او يضعف مطالب التغيير داخل النظام السلطوي.  

اما الخلاصة الثانية فتتعلق بمدى قدرة الانتخابات في الأنظمة السلطوية على المساهمة في دمقرطة النظام السلطوي، من خلال تتبع المسلسلات الانتخابية لمجموعة من الأنظمة السلطوية و من بينها المغرب يمكن القول ان النظام المغربي و غيره من الأنظمة السلطوية التي تعطي أهمية للانتخابات و غيرها من اليات الديمقراطية الشكلية تفعل ذلك لإعطاء الانطباع بوجود مسلسل ديمقراطي حقيقي هذا من جهة، لكن من جهة اخرى فانها تتلاعب بماهية هذه المؤسسات بافراغها من الفعالية على اعتبار ان سلطة القرار داخل النظام السياسي توجد خارج المؤسسات المنتخبة. لهذا فان الانتخابات في نظام سلطوي دورها هو المساهمة في تثبيت و تقوية النظام السلطوي، وعن طريقها اي الانتخابات يمنح النظام حلبة للصراع و المنافسة بين مختلف الفاعلين الحزبيين بغض النظر عن قربهم او بعدهم عن النظام، هذه المنافسة تكون فقط من اجل الحصول على الغنيمة الانتخابية من خلال الوصول الى البرلمان و الحكومة و مناصب اخرى لكن دون ان يشكل هذا الوصول تهديدا لاستقرار ميزان القوى داخل النظام السلطوي. 

اما الخلاصة الثالثة و الاخيرة فتخص مقاطعة الانتخابات. قد يكون خيار المشاركة في الانتخابات يحمل بعض الفرص للأحزاب لكن المخاطر اكبر، و هو ما أشرنا اليه من قبل ان هم الحصول على الغنيمة و على الرعاية من قبل النظام يضعف القدرة على طلب التغيير، هنا تعتبر المقاطعة استراتيجية مهمة و تحديا بالنسبة للنظام. لكن هناك عوائق كثيرة قد تحد من فعالية المقاطعة من أهمها اشكالية التنسيق بين بين مكونات مختلفة ايديولوجيا و هو ما يعيق بلورة رؤية موحدة حول كيفية تنسيق جهود المقاطعة، دون ان ننسى عنف النظام و حرمان التنظيمات المقاطعة من مختلف وسائل الاعلام العمومي، كل هذه العوامل المهمة تصب في صالح النظام.

"عن موقع "لكم


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق