د.يوسف بن هيبة
تعد الولاية التشريعية التاسعة (2011- 2016) من الحياة البرلمانية المغربية ولاية تأسيسية بعد المصادقة على دستور 2011، حيث ذكرت المعارضة البرلمانية بالاسم بعد أن كانت نكرة في الدساتير السابقة، وعمل لأول مرة على دسترة بعض حقوقها الخاصة وأضفى مرونة على بعض آلياتها الرقابية والتشريعية واستجاب للعديد من المقترحات التي ضمنتها بعض مذكرات الأحزاب السياسية، وهو ما طرح جملة تحديات على الفاعل السياسي، لعل أبرزها مدى قدرته على النجاح في عملية التنزيل والتأويل الديمقراطي لمضامين الوثيقة الدستورية الجديدة من أجل تمكين المعارضة البرلمانية من مكانة خاصة بها داخل المؤسسة التشريعية ومن تم ضمان تحقيق توازن النسق السياسي.
وضع دفعنا إلى اختيار موضوع " المعارضة البرلمانية في النظام الدستوري المغربي خلال الولاية التشريعية التاسعة "، حيث شكل أحد أهم أعطاب المؤسسة البرلمانية، وهو سوف يتيح لنا من موقع البحث الأكاديمي محاولة المساهمة في تقديم منتوج بحثي يسعى إلى استجلاء موقعها ومكانتها في الهرم المؤسساتي خلال هذه الولاية، وإبراز الضمانات والإمكانات التي منحت لها في الإصلاح الدستوري الجديد، من أجل الرفع من فعاليتها وجاهزيتها قصد تجويد حصيلة أداء وظائفها الدستورية.
لذلك انصبت إشكالية البحث على مناقشة وتحليل والإجابة عن السؤال التالي: هل نجحت المعارضة البرلمانية في استثمار الضمانات والحقوق الدستورية التي وردت في دستور 2011 للارتقاء بالمؤسسة التشريعية خلال الولاية التاسعة من التجربة البرلمانية المغربية، بما يمكنها من المساهمة في تعزيز مسار دمقرطة الدولة والمجتمع؟
بعد استعراض حصيلة المعارضة البرلمانية خلال الولاية التشريعية التاسعة( 2011-2016)، والتي تأتى لنا الوقوف من خلالها على تواضع حصيلتها بالنظر للصلاحيات والضمانات المهمة التي جاء بها الدستور الجديد، الأمر الذي يؤكد تبرير المعارضة البرلمانية لحصيلتها المتواضعة الذي " تُرْجِعه إلى شح الضمانات الدستورية التي تمكنها من الاشتغال والتأثير في صناعة القرار البرلماني" ، إلا أن الحصيلة العملية للولاية التاسعة لفرق المعارضة البرلمانية بينت أن ضعف الأداء يوجد خارج الخطاطة ( الأداء الجيد/ النص الدستوري الجيد)، بحيث أن ضعف النخبة البرلمانية المكونة للمعارضة البرلمانية، وعدم انسجام بنيتها الداخلية وضعف تنسيقها، وغياب استقلالية قرارها داخل المؤسسة التشريعية والارتهان لموقف الحزب السياسي الذي تمثله من الناحية التنظيمية، جعلها لا تقدم نموذج المعارضة البناءة والمسؤولة، نتيجة غياب رهان التأسيس للفعل المعارض الجيد وللمعارضة البرلمانية المسؤولة.
بعد معالجتنا لإشكالية الموضوع والتي أبانت على أن دسترة حقوق المعارضة البرلمانية في الدستور الجديد لسنة 2011، تعد خطوة جد متقدمة في سبيل الارتقاء بممارسة مهامها ووظائفها، إلا أن تواضع حصيلتها لا يمكن اختزاله وحده في شح الضمانات الدستورية، بدليل أن الهامش المتاح لم يتم تفعيله، في مقابل ذلك لا يمكن تحميل المعارضة البرلمانية ثقل الأزمة البنيوية التي ترزح تحت وطأتها المؤسسة التشريعية، الأمر الذي يطرح السؤال حول مدى نفاذ مخزون الدستور الجديد في إعادة صياغة طبيعة النظام السياسي المغربي في اتجاه الانتقال نحو ملكية برلمانية، مما يستوجب إعادة إعطاء انطلاقة جيل جديد من الإصلاحات تشمل الدستور نفسه وتعيد تأهيل الحياة السياسية والحسم في طبيعة النموذج التنموي في شقه السياسي، بما يتيحه من فرص لإنجاز مشروع ديمقراطي حقيقي وشامل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق